قراءة تحليلية حول أبعاد وأهداف الحملة الإعلامية ضد الشاب ” العربي ولد جدين “

تشهد الساحة الإعلامية الإقليمية في الآونة الأخيرة حملة شرسة تستهدف رجل العلاقات الواسعة في المنطقة، العربي ولد جدين، في مسعى واضح لتشويه سمعته والنيل من دوره المتنامي في إدارة العلاقات الإقليمية وشبه الإقليمية.
هذه الحملة، التي تقودها منصات إعلامية إخوانية محسوبة على تركيا، تأتي ضمن استراتيجية إعلامية مدروسة تهدف إلى صرف الأنظار عن الحقائق وتضليل الرأي العام لصالح أجندات سياسية تخدم مصالح داعميها.
تركيا، التي دأبت على تقديم نفسها كخصم لدود لإسرائيل عبر تصريحات إعلامية لاذعة، عُرفت في المقابل بسياسات براغماتية تقوم على التنسيق الفعلي مع تل أبيب وخدمة مصالحها في المنطقة.
وجاء لقاء وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في أغسطس/آب 2023 بروما ليؤكد هذا التوجه، خاصة أن حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة تُعد إحدى أدوات النفوذ التركي في ليبيا.
وفي هذا السياق، وُجهت إلى العربي ولد جدين تهمة تنسيق اللقاء، في محاولة لتوجيه الأنظار بعيداً عن البُعد السياسي الحقيقي للقاء، الذي يمثل تقارباً بين حكومتين تنفذان سياسات تخدم مصالح تركيا وإسرائيل، وليس مجرد لقاء شخصي أو مبادرة فردية، وهو ما أكدته تصريحات الوزيرة المنقوش بعد تسريب خبر اللقاء.
يبدو أن الهدف الأساسي لهذه الحملة ذو شقين: الأول يتمثل في التغطية على الدور التركي في تنظيم اللقاء بعد افتضاح أمره، والثاني هو محاولة استهداف ولد جدين شخصياً لتقويض نفوذه المتزايد، الذي بات يشكل تهديداً لأطراف تقليدية مثل مصطفى ولد الشافعي، الحليف التكتيكي للإخوان، الذي شهد نفوذه تراجعاً ملحوظاً بفعل صعود دور ولد جدين في المشهد الإقليمي.
إن القراءة المتأنية لهذه الحملة تكشف عن أبعادها الحقيقية؛ فهي ليست مجرد محاولة للنيل من سمعة شخصية صاعدة، بل جزء من صراع أوسع على النفوذ في المنطقة.
الإعلام المؤدلج، الذي يكرس جهوده لخدمة أجندات سياسية واضحة، يسعى إلى تحجيم أي شخصية مستقلة وفاعلة قد تعيد تشكيل خريطة العلاقات الإقليمية، وهو ما يفسر الهجوم المكثف على العربي ولد جدين، الذي استطاع خلال السنوات الأخيرة أن يثبت نفسه كأحد أبرز الفاعلين في هذا المجال.
-سيدي عثمان ولد صيكه