احمد ولد يحي بطل ..قاد موريتانيا إلى المجد الكروي

أحمد ولد يحي بطل قاد موريتانيا إلى المجد الكروي..
لم تكن الرياضة في هذه الأرض إلا شبحًا يمضي في الظل، لا صدى له في المحافل، ولا رسم له في المجالس، حتى جاء من أيقظها من غفوتها، فاستوى بها على سوقها، وجعل منها قوةً تُسمع وتُرى، ورايةً تُرفع وتُحمل.
لقد كانت الأكاديميات الرياضية ضربًا من الأحلام، وميدانًا لا يلجه إلا أصحاب الحظوة، حتى حلّ موعد الكتابة من جديد، فإذا الأرض التي لم يكن لها في الميدان اسمٌ تصبح مهدًا لأول أكاديمية ترعاها الفيفا في هذه القارة السمراء، وكأنها أرادت أن تنطق بالفضل، وتثبت للتاريخ أن يدًا امتدت فصنعت، وعقلًا تدبر فدبّر.
واجتمعت كل القلوب على أن الرجل سابقٌ في التسيير، عارفٌ بمسالكه، فانعقد الإجماع على منحه تاج الريادة، فلم يكن في ديار القارة نظيرٌ له، ولا في سير الاتحادات مثيلٌ لما أرساه، فأنصتت له العقول، وأقرت له الأفئدة، ومنحته الأيادي وسامًا لم يكن لمن سبقه من نصيب.
لم يكن ذلك إلا إرث تجربة، ونتاج سعيٍ دؤوب، فلم يكد يضع قدميه في ساحة التحدي حتى سبق السابقين، ونال ما لم يَنَلْه غيره، فكان الشاب الذي حاز مقامًا لم يكن يُتاح لمن هم في مثل سنه، فحجز لنفسه مكانًا بين الكبار، وجعل لبلاده نصيبًا في ساحة لم تكن تحسب لها حسابًا.
اجتمع أهل القرار في عالم المستديرة على صعيدٍ واحد، تظلهم خيمةٌ أقيمت على أرضٍ لم تكن تخطر في بالهم يومًا، فإذا بهم يشهدون بزوغ نجمٍ لا يغيب، وعهدٍ جديدٍ في إدارة شؤون اللعبة.
لم يكن ذلك إلا ثمرة ثقةٍ وضعتها الفيفا في رجلٍ عرف كيف يُسيّر، وكيف يُدبّر، حتى صار يُشار إليه بالبنان، ويُضرب به المثل في حسن التدبير. أوصت الاتحادات أن تتبع خطاه، وأصبح نهجه مدرسةً تُدرس، وأسلوبه مثالًا يُحتذى، فكان في ذلك شهادةٌ لم تُمنح إلا لمن أخلص وأجاد.
كان اللاعبون قبله فتيةً يطاردون أحلامهم في الميادين المهملة، لا يملكون من الزاد إلا العزم، ولا من العون إلا الأمل، فإذا بالزمن يدور، ويصبح لهم بين المحترفين مكان، وتعلو رواتبهم إلى حيث لم يكونوا يحلمون، فلم تعد الكرة لهوًا، بل صارت صناعةً تدرُّ الذهب، وحرفةً تُغني صاحبها عن السعي في غيرها.
كان الشباب قبل عهده في زوايا النسيان، لا يجدون إلى المجد سبيلًا، حتى فتح لهم الأبواب، ومهّد لهم الطرق، فصار منهم حكامٌ يُديرون المباريات الدولية، وصار لهم في المحافل موطئ قدم، ولم يعد الحضور مقتصرًا على اللاعبين وحدهم، بل تعداه إلى الحكام والمراقبين، فانتشر الاسم الذي لم يكن يُذكر، وسار في الآفاق صوتٌ كان يومًا غائبًا.
كان الإعلام الرياضي يومًا تابعًا، يلتقط الفتات، ويردد أخبار الغير، حتى قامت له منابر، وصار له رجالٌ يحللون، ويكتبون، ويتابعون الحدث لحظةً بلحظة، فصار الحديث عن الكرة علمًا له أهله، وأصبحت الصحافة الرياضية رافدًا قويًا في المشهد، تواكب، وتوثق، وترصد.
لم يكن الفريق الوطني في سابق العهد إلا ذكرى للهزائم، لا يثير الحزن سقوطه، ولا تثير الخيبة ذكراه، حتى تبدل الحال، فإذا بالأمة تترقب مبارياته، وتحزن لفوات الفرص، وتتحسر على ما كان ينبغي أن يكون، بعد أن كان الإخفاق أمرًا مألوفًا، لا يُؤلم ولا يُبكي.
إن هذه الساحة التي يقف فيها الرجل اليوم ليست ساحة من يُهادن، ولا مقام من يطلب العرفان، بل ميدانٌ لا يثبت فيه إلا أهل العزم، ولا يُنصف فيه إلا من وعى التاريخ، وعرف كيف يُجازي صنّاع المجد.
فساندوا الرجل حيث يستحق، وأعينوه حيث ينبغي، فإن الوفاء لأهل الفضل دأب الكريم، والعرفان بحق الصانع شيمة أهل الفهم والتقدير.
-سيدي عثمان ولد صيكه
الزين الإخبارية
#تابعونا