نواذيبو..المدينة المنسية

 

ولست سوى مهاجر لاذ فرارا خشية إملاق الى مدينة عاشت فترات زهو وعطاء وظلت كوخا للهاربين الى حين من الدهر ليس ببعيد تواسي لوعات الوجد وتمسح دموع المآسي عن كل القاطنين جبرا للخواطر وارضاء للنفوس اليائسة من رحمات المدن والفارة من مآرب الدهر وتراكم الخيبات الاستيطانية. ان مدينة كانواذيبو ذات النسيم العليل والقيمة الاقتصادية الرافعة كان لا بد على كل الانظمة الماضية في سبيل الاستعمار شبرا بشبر ورجالات الحكم الحاملون شعارات الاصلاح ان يجعلوها عروس المدن في اوجه زينة لها لتغضو وجهة السائحين ووكرا جميلا لكل الموريتانيين الحالمين بمقومات العيش الرغيد. لكن نواذيبو المدينة التي انعى قدمت نفسها كبش فداء لناطحات سحاب مدن العالم عبر صفقات التراضي وظلت تنخر عطاءها في سبيل العطاء.
انا المسافر في ارجاء شوارع عروس الشمال يخال لي انها منسية على هامش التاريخ العريض مضت ومضى الناعون تأسفا وحسرة واكتفوا بصلوات المجد في الخفاء والصبر على ما جادت به صفعات المقاولين مدينة بحجم نواذيبو لا ماء فيها ولا مرعى نهبت خيراتها ولم يكن لها حظ من الاصلاح سوى صور فتوغرافية ودعايات تلفزيونية واغاني الربيع من الفصول الماضية تحت عنوان كانت وكانت.
أنا المسافر في أرجاء انواذيبو دون هدى، أذرع شوارعها كما يذرع النسيان ذاكرة الأيام، فلا أرى إلا طرقات أرهقها الغبار، وأرصفة تهامست مع الريح حتى تهالكت. هنا، حيث البحر يعانق اليابسة بأنفاسٍ متهدجة، تبدو المدينة وكأنها لوحة مهجورة، ألوانها باهتة تحت وطأة الإهمال.

الكاتب: الشيخ المهدي الطالب

الزين الإخبارية
#تابعونا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى