استغلال الإنفاق في السياسة .. خطر على الإرادة والمجتمع

*استغلال الإنفاق في السياسة.. خطر على الإرادة والمجتمع*
الإنفاق في سبيل الله باب واسع من أبواب الخير، وقد حدّد الله تعالى مصارف الصدقات في قوله: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ” (التوبة: 60). غير أن بعض رجال المال والأعمال يسعون إلى تطويع هذا الإنفاق لخدمة مصالحهم السياسية، فيحولونه من عبادة خالصة لله إلى وسيلة للنفوذ والتأثير، مما يفسد مقاصد الصدقة ويشوّه معاني الإحسان.
إن أخطر ما في هذا التلاعب هو تحويل العطاء إلى أداة ضغط، حيث يختصر الإنفاق على فئة محددة من الأتباع والمناصرين، بدل أن يكون موجهًا لمستحقيه وفق العدل والإحسان. وهكذا تصبح الحاجة والفقر وسيلة للتحكم في إرادة الناس، فيسلبون حريتهم في الاختيار، ويصبح القرار السياسي مرهونًا بمن يدفع أكثر، وليس بمن يحمل رؤية صادقة لخدمة المجتمع.
وفي موريتانيا، يتجلى هذا الواقع بوضوح، حيث يستغل بعض رجال المال والأعمال ضعف الناس وحاجتهم، فيوجهون إنفاقهم لخدمة أجنداتهم السياسية، بدل أن يكون وسيلة حقيقية لتخفيف معاناة الفقراء والمحتاجين. فبدلًا من أن يكون العطاء رحمة، يتحول إلى قيدٍ يستعبد به الناس سياسيًا، فيفرض عليهم خيارات لا تخدم مصالحهم بقدر ما تخدم مصالح المتحكمين في المال والسلطة.
وقد ازداد هذا الاستغلال في موسم رمضان المبارك، وهو شهر الخير والتراحم والتكافل والبذل والعطاء، حيث يُفترض أن يكون العطاء خالصًا لوجه الله تعالى، لكن بعضهم يوظفه لمكاسب سياسية ضيقة، فيحرمون المستحقين الحقيقيين أو يشترطون الولاء مقابل المساعدة.
*د/ الشيخ يحفظ أعليات*