تغييب الإعلام المحلي عن معرض نواذيبو الدولي للمنتجات البحرية فشل تسويقي يهدد حدثا تاريخيا

تستعد مدينة نواذيبو هذه الأيام لإحتضان أول معرض دولي للمنتجات البحرية في تاريخ موريتانيا. ” معرض نواذيب الدولي للمنتجات البحرية 2025 ”
حدث يفترض أن يشكل نقطة تحول في التعاطي مع واحدة من أهم الثروات الوطنية وأكثرها ارتباطًا بالاقتصاد والهوية. غير أنّ ما يثير الاستغراب، بل والخيبة، هو الغياب شبه الكامل للإعلام المحلي عن مواكبة هذا الحدث، وكأن الأمر لا يعنيه، أو كأن القائمين على المعرض اختاروا عمدًا أن يبقى في دائرة الصمت.

الإعلام هو الواجهة الطبيعية لأي تظاهرة وطنية، ومهمته أن ينقلها للجمهور، يواكبها، ويناقشها. لكن ما حدث هنا يكشف عن خلل عميق في الرؤية التسويقية للمنظمين. إذ لم نشهد حملات دعائية تليق بحدث يوصف بأنه “الأول من نوعه”، ولم نرَ جهودًا تُبذل لاستقطاب الصحافة الوطنية أو تحفيزها على التغطية. حتى في الفضاء الرقمي، ظل الحضور الإعلامي للمعرض باهتًا لا يكاد يُرى.

المسؤولية في هذا السياق لا يمكن رميها على وسائل الإعلام وحدها. بل تقع أولًا على عاتق الجهات المنظمة التي فشلت في إدراك أن نجاح أي حدث يبدأ من الداخل قبل الخارج. كيف يُعقل أن نحدث المستثمرين والشركاء الدوليين عن معرض للمنتجات البحرية بينما جمهورنا المحلي لم يسمع به إلا عرضًا عن طريق بيانات تشير الى صراع بين المنظمين وبعض الفاعلين، أو ربما لم يسمع به إطلاقًا؟

النتيجة المباشرة لهذا الفشل هي فقدان فرصة ذهبية لخلق حاضنة جماهيرية للمعرض، ولتعزيز وعي المواطنين بأهمية قطاع الصيد ودوره في الاقتصاد الوطني. بل قد يُعطي الأمر صورة سلبية عن قدرات البلاد التنظيمية ويضعف ثقة الشركاء الدوليين في مستقبل المعرض كموعد سنوي واعد.

إن غياب الإعلام عن هذا الحدث الهام لا يُبرَّر بأي حال، ويجب أن يكون جرس إنذار للقائمين عليه. فالتسويق الناجح لا يقتصر على نصب الأجنحة واستقبال الوفود، بل يبدأ من كسب الرأي العام المحلي وإشراكه في صناعة النجاح. وما لم يتم تدارك هذا الخلل، فسيبقى المعرض مجرد مبادرة بلا صدى، حتى وإن حمل شعارات دولية براقة.

الإعلامي محمد سوله

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى