انطلاق فعاليات النسخة الأولى من مهرجان باركيول للثقافة والتراث

في أجواء احتفالية تعبق بروح الأصالة والانتماء، شهدت مقاطعة باركيول مساء الجمعة انطلاقة النسخة الأولى من مهرجان باركيول للثقافة والتراث، بحضور رسمي وشعبي واسع، ومشاركة نخبة من الفاعلين الثقافيين والأكاديميين والفنانين، في حدث تأسيسي يعكس تطلعات المنطقة نحو إشعاع ثقافي وتنموي مستدام.
افتتح عمدة بلدية باركيول، السيد محمد عبد القادر ولد سيدي فال، فعاليات المهرجان بكلمة ترحيبية عبّر فيها عن فخره باستضافة هذا الحدث، مؤكّدًا أن المهرجان يشكّل “منبرًا لإشعاع الهوية، ومساحة لتلاقي الطاقات، وتجسيدًا لأصالة تراثنا وعراقة قيمنا”. وأشار إلى أهمية المهرجان في خلق تفاعل غني بين مختلف الفئات من مبدعين وفنانين وحرفيين وباحثين، بما يعزز الإبداع ويضاعف مكاسب التنمية.
وثمّن العمدة دعم وزارة الثقافة لهذا الحدث، معتبرًا أن المهرجان يندرج ضمن البرنامج الوطني الطموح لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرامي إلى ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز التنمية المتوازنة. كما دعا إلى إدراج مقاطعة باركيول ضمن تدخلات الوزارة، لما تحمله من عمق تاريخي وثقافي، خاصة في منطقة أفطوط، مشيدًا بدور الشباب الذين كانوا المحرك الأساسي لإنجاح هذه النسخة التأسيسية.
من جانبه عبر رئيس المهرجان، السيد **المصطفى يحيى بابه** عن اعتزازه بانطلاق هذا الحدث الذي وصفه بـ”اللحظة التاريخية الجامعة”، مؤكدًا أن مهرجان باركيول يشكّل منصة لإحياء التراث المحلي، وتعزيز الوحدة المجتمعية، وإبراز المواهب والإبداع الذي تزخر به المقاطعة.
وأشار إلى أن باركيول كانت ولا تزال منارة للعلم والثقافة، ومقرًا للأصالة، حيث أنجبت نخبة من العلماء والمفكرين والشعراء، واحتضنت مكونات المجتمع في تناغم فريد.
وخصّ رئيس المهرجان شباب المقاطعة بتحية تقدير، مثمنًا دورهم المحوري في الإعداد والتنظيم، من تصميم الشعار إلى تعبئة المجتمع وتنظيف الساحات وتجهيز القاعات، واصفًا جهودهم بأنها “أشبه بالمعجزة”، ومؤكدًا أنهم “أهل للثقة والمسؤولية”.
كما وجّه الشكر إلى وزارة الثقافة، والسلطات الإدارية، والداعمين، وكل من ساهم في إنجاح هذا الحدث، الذي يُنتظر أن يشهد عروضًا فنية، وحوارات ثقافية، وفعاليات تراثية تعكس الوجه المشرق لباركيول.
كما ألقى الأستاذ أحمدفال ولد نوح الكلمة الرسمية للمهرجان، مثمنًا جهود التنظيم، ومشيدًا بالدور الريادي للمقاطعة وما تزخر به من منابر علمية وأثرية ساهمت في تعزيز الهوية الوطنية.
وعبّر الدكتور المختار ولد حندة عن إعجابه بإصرار الشباب وحماستهم، مؤكّدًا أن التعليم هو الركيزة الأساسية لأي تنمية أو تقدم، داعيًا إلى الاستثمار في المعرفة كمدخل للتغيير الإيجابي.
وتخلل الحفل الافتتاحي عروض غنائية قدمتها الفنانة الشابة جدة بنت الراظي، ومداخلات أدبية لكل من عبد الرحمن الملقب باتة، والأستاذ محمد ولد عبة، مما أضفى على الأمسية طابعًا فنيًا وتراثيًا مميزًا استحضر الذاكرة الثقافية الحية للمنطقة، وأعاد الاعتبار للرموز المحلية في الشعر والغناء والحكاية الشعبية.
وقد أشرف على حفل الافتتاح الرسمي الدكتور عثمان ولد شعيب، المكلف بمهمة في وزارة الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، بحضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية، والسلطات الإدارية، والمنتخبين، والفاعلين المحليين، في مشهد يعكس التفاعل الإيجابي بين المؤسسات والمجتمع المدني، ويؤكد على أهمية الشراكة في إنجاح المبادرات الثقافية.
ويُعد مهرجان باركيول للثقافة والتراث منارةً جديدة في المشهد الثقافي الوطني، وفرصةً لإحياء الذاكرة الجماعية، وتثبيت جذور الهوية، وتعزيز التماسك المجتمعي. وقد عبّرت باركيول، بسُهولها الخصيبة وأوديتها المعطاءة، عن ترحيبها بضيوفها الكرام، مؤكدةً أن هذا الحدث هو بداية لمسار ثقافي وتنموي واعد، يعكس طموحات المنطقة ويكرّس دورها في الخارطة الوطنية.
وتؤكد اللجنة الإعلامية أن هذه النسخة التأسيسية تشكّل انطلاقة نوعية نحو ترسيخ المهرجان كمحطة سنوية دائمة، تُسهم في تنشيط الحياة الثقافية، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الاستثمار في التراث والسياحة الثقافية، وتُعزز من حضور المقاطعة في المشهد الوطني، مع التزامها بتوثيق الفعاليات وتوسيع دائرة المشاركات في النسخ القادمة.