منظمة زاكية بأي منطق تعلن التقارير العلمية هذه النسب الخطيرة .. ثم يصف الوزير بأن الثروة بخير ( بيان )

بيان من منظمة زاكية

تابعنا في منظمة زاكية للتنمية المستدامة وحماية البيئة ما أُثير مؤخرًا من جدلٍ واسعٍ في الأوساط البيئية والاقتصادية، بعد الكشف عن أن مداخيل الخزينة العامة من قطاع الصيد خلال عام 2024 بلغت نحو 60 مليار أوقية قديمة، بدل 22 مليار أوقية قديمة التي ذكرها وزير الصيد نفسه في وقت سابق، وهو أمرٌ يؤول إلى تباينٍ واضحٍ وتناقضٍ بيّن.
إن هذا الفارق الكبير بين التصريحات الرسمية والمعطيات الميدانية يفتح الباب أمام تساؤلاتٍ جدّية حول دقّة الأرقام الحكومية وشفافية احتساب العائدات الفعلية لقطاعٍ يُعدّ من أهم ركائز الاقتصاد الوطني.

وتُظهر الأرقام الصادرة عن المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد وضعًا مقلقًا للثروة البحرية، إذ لا يدعم الواقع الميداني التصريحات التي تؤكد أن الثروة البحرية بخير. فقد بيّنت المعطيات أن الأخطبوط، وهو من أكثر الموارد طلبًا في السوق الدولية، عرف استغلالًا مفرطًا تجاوز 139%، بينما بلغت نسبة استغلال أسماك القاع مثل الكربين والأنكط حدودًا غير مسبوقة وصلت إلى 264%، كما سُجّل جراد البحر بدوره بنسبة 124% من الاستغلال المفرط.
وأمام هذه الأرقام المقلقة، نتساءل في منظمة زاكية:
بأي منطق تُعلن هذه النسب الخطيرة في التقارير العلمية، ثم يُقال إن الثروة بخير؟
إن مثل هذا التناقض يضع مصداقية الخطاب الرسمي موضع تساؤل، ويستدعي مراجعةً شاملةً لسياسات القطاع بما يضمن التوازن بين الاستغلال والحفاظ على ديمومة الموارد البحرية.
كما نؤكد أن أسماك السطح الصغيرة لم تسلم هي الأخرى من الضغوط الميدانية، حيث بلغت نسبة استغلالها 58%، في حين أن التقرير نفسه أشار وبجميع عيناته إلى أنها تعرضت لاستغلالٍ مفرط، وإن صيغ ذلك بلغةٍ مكيّفة، بينما هي في الواقع استنزافٌ حقيقيّ. وهنا نسجّل تناقض المعهد بين أسطر تقاريره، وهو مؤشرٌ يدقّ ناقوس الخطر في حال استمرار الوتيرة نفسها من الصيد الصناعي دون رقابةٍ فعّالة أو إدارةٍ علميةٍ رشيدة.
وإذ نثمّن جهود البحث العلمي الوطني، فإننا نحذّر في الوقت ذاته من تجاهل نتائجه. كما نرى أن الوزارة الوصية مطالَبة بالانتباه إلى خطورة الأرقام الصادرة عن الجهات البحثية، وإعادة النظر في تقييمها للوضع القائم، لأن تجاهل المؤشرات العلمية لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة البيئية والاقتصادية في آنٍ واحد.
إن ما كشفت عنه التقارير الأخيرة يعيد الجدل حول مدى استدامة استغلال الثروة البحرية في موريتانيا، ويؤكد الحاجة الماسّة إلى رؤيةٍ متوازنةٍ تراعي المردودية الاقتصادية من جهة، وتحافظ على الموارد الطبيعية وتضمن حقوق الأجيال القادمة من جهةٍ أخرى.

نواذيبو بتاريخ 2/11/2025

اللجنة الإعلامية لمنظمة زاكية للتنمية المستدامة وحماية البيئة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى