مشاريع البوادي تنظيم لامنع .. ودعم لاتضييق

مشاريع البوادي.. تنظيم لا منع ودعم لا تضييق”
بقلم فضيلي ولد هيدالة
لقد أصبحت مشاريع البوادي خلال السنوات الأخيرة متنفسًا حقيقيًا لسكان نواكشوط وشبابها وفضاءً يجد فيه الناس بعض الراحة من ضغوط الحياة وضوضاء المدينة هذه المشاريع لم تنشأ بقرار حكومي ولا بتمويل مؤسسات كبرى بل هي ثمرة جهود شباب اعتمدوا على أنفسهم استثمروا ما ادخروا وبنوا أعمالهم خطوة بخطوة حتى أصبحت هذه الفضاءات مصدر رزق ثابت لهم ولغيرهم من العمال والموردين وأصحاب الخدمات المرتبطة بها ولا يمكننا إنكار أن بعض السلوكيات الفردية غير المقبولة قد تحدث في هذه الأماكن تمامًا كما يحدث في المقاهي والفضاءات المفتوحة الأخرى ومع ذلك فإن هذه الحالات تبقى محدودة وظرفية ولا يجوز بحال من الأحوال تعميمها أو استخدامها ذريعة لشيطنة هذا النشاط بكامله أو التشكيك في نوايا القائمين عليه فمجتمعنا ما يزال محافظًا على قيمه ورقابة الناس على أنفسهم وعلى محيطهم حاضرة والغيرة على الأخلاق جزء من تكويننا الجماعي.
لذلك فإن المطلوب اليوم ليس التضييق على هؤلاء الشباب ولا إغلاق مشاريعهم بل تنظيم الفضاء بشكل هادئ وحكيم يحفظ القيم والأخلاق من جهة ويحمي مصدر رزق مئات الأسر من جهة أخرى فالدولة التي نثق في حرصها على الصالح العام قادرة على تنظيم هذا النشاط دون خنقه ووضع ضوابط واضحة للسلوك والاشتغال ومحاسبة من يسيء بشكل فردي بدل معاقبة الجميع بسبب تصرفات معزولة.
إن إغلاق أبواب الرزق أمام شباب تعبوا وبنوا أنفسهم بعرقهم سيزيد من البطالة ويعمق الشعور بعدم جدوى المبادرة أما دعم هذا النوع من المشاريع وتنظيمه فيُعد خيارًا ينسجم مع سياسة تشجيع الاقتصاد المحلي وخلق فرص العمل ويحافظ في الوقت ذاته على قيم المجتمع إن هؤلاء الشباب لم يمدوا أيديهم بل وقفوا على أقدامهم ليحيوا أرضا و يصنعوا منها حياة فليس من العدل أن نكسر ما بنوه ولا من الحكمة أن نطفئ شمعة أضاءت لغيرهم طريق الرزق إن دعمهم ليس منّة بل هو حفظ لكرامة العمل وحق واجب على وطن يحلم أبناؤه بالوقوف لا بالاتكاء.



